زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة آل نهيان


ولد الشيخ "زايد بن سلطان" في سنة 1918 بقصر الحصن في أبوظبي. وكان أصغر أبناء الشيخ "سلطان بن زايد بن خليفة آل نهيان" من الشيخة "سلامة بنت بطي". وبدأ رحلة تعليمه في سن الخامسة، فذهب إلى الكُتاب وتعلم اللغة العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف وأصول الدين على يد المطاوعة. وكان يواظب دوما على حضور مجلس والده، وخاصة حينما كان يستقبل المواطنين، ليزداد وعيه وإدراكه بأدق تفاصيل شئون الحكم. وكان يهوى ممارسة رياضة الصيد وسباق الهجن والرماية والفروسية.
ولاه والده الشيخ "سلطان" على مدينة العين في سنة 1946، والتي وجد أن مواردها الطبيعية التي تساعد على المعيشة ضئيلة جدا، فضلا عن عدم توفر المال اللازم لتطوير المدينة، إلا أنه قام بإمكانيات بسيطة بعمل طفرة عمرانية واقتصادية لفتت الأنظار إليه بشكل ملحوظ. فقد افتتح أول مدرسة بالمدينة (المدرسة النهيانية) في سنة 1959، وأنشأ سوقا تجارية شاملة، وعبد العديد من الطرق لربط مناطق المدينة ببعضها، واهتم بتأسيس شبكة صرف صحي، وبنى مستشفى. وقرر إعادة النظر في ملكية المياه، فلا أحد يحتكرها وأمر بتوفيرها للجميع، لتفيد الناس في حاجاتهم اليومية، وكذلك في الزراعة. وبذلك نال احترام الجميع.
وفي خطوة جريئة ومبتكرة، قرر الشيخ "زايد" في سنة 1953 القيام برحلة حول العالم ليتعلم فنون السياسة والاطلاع على تجارب النهضة، فكانت زيارته إلى بريطانيا والولايات المتحدة ولبنان والعراق وسويسرا ومصر وسوريا وباكستان وفرنسا والهند.
وفي مايو سنة 1962 قرر الشيخ "شخبوط" أن يساعده "زايد" في إدارة شئون أبوظبي، الذي بدأ على الفور في تنفيذ خطته بتطوير الإمارة وتحسين ظروف المعيشة فيها. و بإجماع العائلة تولى الشيخ "زايد" مسئولية الحكم في أبوظبي خلفا لشقيقه في 6 أغسطس 1966، فتمتع بحرية أكبر في تنفيذ خطة النهضة، وقام بتطوير التعليم والصحة والإسكان، واهتم أكثر بالمرافق العامة والبنية التحتية. كذلك أعاد تنظيم مؤسسات الإمارة الإدارية، ووسع دائرة اختيار الموظفين، فكان يختارهم بناء على الكفاءة حتى وإن كانوا من خارج الأسرة.
وحينما أعربت بريطانيا عن نيتها الجلاء عن الخليج العربي في بداية سنة 1968، قرر الشيخ "زايد" البدء في محادثات موسعة مع شيوخ الخليج لحثهم على الاتحاد في كيان سياسي واحد، لكي تضع تلك البقعة المهمة من العالم العربي قدميها على أولى خطواتها إلى المستقبل. وبالفعل وبعد مداولات ومشاورات وجلسات عديدة تكونت دولة الإمارات العربية المتحدة بفض جهود "زايد" بحلول عام 1971، والذي تم اختياره كأول رئيس للدولة الوليدة.
وعلى صعيد تحقيق السلم الخليجي قرر الشيخ "زايد" في سنة 1974 التواصل مع الملك "فيصل بن عبد العزيز آل سعود" وتوقيع معاهدة ترسيم للحدود بين البلدين. ولأنه رجل صاحب مبدأ فقد رفض اعتبار قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران ذريعة للعراق في استمرار الحرب مع إيران، وقام بمساعي عديدة بالتعاون مع رؤساء وملوك العرب لوقف تلك الحرب. وخلال حرب الخليج الثانية ضرب "زايد" أحسن الأمثال في حسن الجوار، حينما قرر أن تستقبل الإمارات النازحين من الكويت وتوفير السكن لهم ومنحهم مساعدات مالية وإعفائهم من رسوم العلاج الطبي.
وفي مايو 1981 تكللت جهود كل من الشيخ "زايد" ونظيره الكويتي الشيخ "جابر الأحمد الصباح" بالنجاح، حينما تحققت أمنيتهم بتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي. وقد اختير "زايد" كأول رئيس للمجلس الأعلى فيه.
كان الشيخ "زايد" خيرا طيبا يحب كل ما هو عربي، فانتشرت مشروعاته الخيرية من المحيط إلى الخليج. ولنشاطه المتفاني في خدمة البشرية، منح جائزة الوثيقة الذهبية سنة 1985 من المنظمة الدولية للأجانب في جنيف، وجائزة أبطال الأرض من برنامج الأمم المتحدة للبيئة سنة 2005، ورجل العام سنة 1988 من هيئة رجل العالم في باريس. كذلك وشاح جامعة الدول العربية سنة 1993، والوسام الذهبي للتاريخ العربي سنة 1995 من جمعية المؤرخين المغاربة. وغيرها من الجوائز والأوسمة التي نالها طوال مدة حكمه.
وبعد حياة طويلة ثرية بالإنجازات توفي الشيخ "زايد" في 2 نوفمبر 2004، وتولى ابنه الشيخ "خليفة بن زايد آل نهيان" حكم إمارة أبو ظبي وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيسا للدولة في 3 نوفمبر 2004.