
ولد الشيخ "راشد
بن سعيد آل مكتوم" - رحمة الله عليه - في عام 1906، في بيئة قاسية وظروف
سياسية صعبة. وحينما وصل
إلى سن مناسبة أرسلته والدته (أم دبي) الشيخة "حصة بنت المر" إلى
المطاوعة (معلمي الكتاتيب) لتلقى تعليمه الأولى في مبادئ اللغة العربية وحفظ
القرآن الكريم، ثم انتقل إلى التعليم الابتدائي في مدرسة الأحمدية. لكن انشغاله
بالدراسة لم يمنعه عن المواظبة على حضور مجلس والده حاكم دبي، واستقبال ضيوفه، فأصبح
يمتلك شخصية قوية مؤثرة؛ مما أضفى على مظهره هيبة ووقار فرض على الآخرين تقديره.
ومنذ عام 1939 شارك الشيخ راشد والده في تسيير
أمور الحكم، حيث كان وليا للعهد في وقت كان العالم ومنطقة الخليج العربية على وجه
الخصوص، يمر بأزمات اقتصادية طاحنة، وبمرور الوقت تفتق ذهن شيخنا إلى ضرورة خلق
نظام مصرفي حديث يعزز صورة دبي كمركز تجاري في المنطقة، فتحدى كافة المحاذير
والمعوقات التي كانت بريطانيا تضعها أمام الشيوخ لمنعهم من الاتصال بالعالم
الخارجي، واستطاع في الخامس من يناير عام 1954 إبرام اتفاقية مع (امبريال بانك أوف
إيران)، الذي عرف فيما بعد
باسم (البنك البريطاني للشرق الأوسط)، واشترط عليه أن يدرج في الاتفاقية بند يلزم إدارته بتوظيف مواطني
دبي.
وفي الرابع من أكتوبر عام 1958 بدأ الشيخ راشد
مهام حكم دبي بعد أن خلف والده الذي توفي في شهر سبتمبر من العام نفسه. وبدأ حكمه
بالتصدي لكل المشاكل التي حاولت بريطانيا إثارتها. كما وضع خطة لرفع مستوى مواطني دبي
التعليمي والمعيشي. فقد تيقن تماما من خلال سير الأحداث التي مرت على الخليج أن
التنمية الاقتصادية هي الحل، فقام بعلاقات خارجية محدودة مع البلاد العربية وخاصة
مصر. وأصبح يتطلع إلى تأسيس دولة كبرى تضم كافة الإمارات تحت إدارة واحدة، متحديا
بذلك إرادة بريطانيا.
وبعد قيام الدولة
في ديسمبر عام 1971 شغل الشيخ راشد منصب نائب الرئيس لمدة خمس سنوات، كما
عهد إليه رئاسة مجلس الوزراء في عام 1979.
كان الشيخ "راشد بن سعيد آل مكتوم" شخصية فذة، وصفه بعض المؤرخين بأنه لا يتميز
في مظهره عن أي من رعاياه. يتمتع بنزعة قيادية بارزة وبوقار يحفه الهدوء وكمال
الرجولة، وعينين يقظتين تطلان من وجه يزدان بتجاعيد الزمن العميقة.
وظل الشيخ راشد حاكما لإمارة دبي منذ 9 سبتمبر
1958 وحتي وفاته في 7 أكتوبر 1990، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة منذ
قيام الاتحاد في 1971 وحتى وفاته. شارك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في صناعة
الاتحاد.